في خطوة تاريخية قد تعيد تعريف مفهوم الخصوبة وتقدم أملاً جديداً في علاج العقم، أعلن فريق من العلماء، بقيادة الرائد الياباني كاتسوهيكو هاياشي، عن نجاحهم في إنتاج بويضات بشرية ناضجة وقابلة للإخصاب في المختبر، وذلك انطلاقاً من خلايا جلد بشرية. يمثل هذا الإنجاز العلمي قفزة هائلة في مجال بيولوجيا الإنجاب، ويفتح الباب أمام حلول علاجية لم تكن ممكنة من قبل.
كيف يعمل هذا الإنجاز الثوري؟ (شرح مبسط لتقنية "التخلق المُبَيضي في المختبر")
إعادة البرمجة إلى خلايا جذعية: تبدأ العملية بأخذ عينة بسيطة من خلايا الجلد. يتم بعد ذلك "إعادة برمجتها" جينياً في المختبر لتحويلها إلى خلايا جذعية متعددة القدرات (iPSC). هذه الخلايا تشبه الخلايا الجنينية المبكرة، حيث تمتلك القدرة على التحول إلى أي نوع من الخلايا في الجسم. التوجيه نحو الخلايا التناسلية: يتم تحفيز هذه الخلايا الجذعية باستخدام مزيج دقيق من المركبات الكيميائية وعوامل النمو لتوجيهها نحو مسار الخلايا التناسلية، لتتحول إلى خلايا جرثومية أولية، وهي السلف الأساسي للبويضات. محاكاة بيئة المبيض: تُزرع هذه الخلايا الأولية داخل "مبيض صناعي" مصغر في المختبر. هذه البيئة ثلاثية الأبعاد توفر الدعم الخلوي والإشارات الكيميائية اللازمة لنمو البويضة ونضجها، تماماً كما يحدث داخل جريب المبيض الطبيعي. النضج النهائي: بعد فترة حضانة طويلة، تنضج الخلايا لتصبح بويضات كاملة، تمر بمرحلة الانقسام الاختزالي (الذي يقلل عدد الكروموسومات إلى النصف)، وتصبح جاهزة لعملية الإخصاب.
لماذا يُعتبر هذا التقدم أملاً جديداً في علاج العقم؟
حلول جذرية لأصعب حالات العقم: يمكن للنساء اللاتي يعانين من فشل المبيض المبكر، أو اللاتي فقدن القدرة على إنتاج البويضات بسبب العلاج الكيميائي أو التقدم في العمر، أن يحصلن على فرصة لإنجاب طفل مرتبط بهن جينياً. إمكانيات جديدة للأزواج: يفتح هذا البحث الباب مستقبلاً أمام الأزواج من نفس الجنس (الرجال) لإنجاب طفل يحمل المادة الوراثية لكليهما، عن طريق تحويل خلايا جلد أحدهما إلى بويضة وتخصيبها بحيوان منوي من الآخر. الحفاظ على الخصوبة: يوفر طريقة أكثر فعالية للحفاظ على الخصوبة للفتيات المصابات بالسرطان قبل سن البلوغ، حيث لا تكون الخيارات التقليدية مثل تجميد البويضات متاحة. تطوير أبحاث الخصوبة: يمنح العلماء نموذجاً فريداً لدراسة تطور البويضة البشرية وفهم أسباب الإجهاض المتكرر والتشوهات الخلقية بشكل أعمق.
تحديات علمية وأخلاقية: الطريق لا يزال طويلاً
السلامة والجودة: الأولوية القصوى هي التأكد من أن البويضات المُنتَجة سليمة تماماً من الناحية الجينية وأنها لن تؤدي إلى أي مخاطر صحية على الطفل المولود. يتطلب هذا سنوات طويلة من الاختبارات الصارمة. الكفاءة والتكلفة: لا تزال العملية ذات كفاءة منخفضة جداً ومكلفة للغاية، مما يجعلها غير متاحة على نطاق واسع في المستقبل القريب. الأبعاد الأخلاقية: تثير هذه التقنية أسئلة أخلاقية عميقة حول حدود التدخل البشري في عملية الخلق، والحاجة إلى وضع قوانين وتشريعات صارمة لتنظيم استخدامها.

تعليقات
إرسال تعليق