القائمة الرئيسية

الصفحات

المشي اليومي… سلاح بسيط لتأخير أعراض الزهايمر!

المشي اليومي… سلاح بسيط لتأخير أعراض الزهايمر!


المشي اليومي… سلاح بسيط لتأخير أعراض الزهايمر! هل تخيّلت أن خطواتك اليومية قد تساعد في حماية دماغك؟
بينما يواصل الباحثون البحث عن علاج نهائي لهذا المرض المعقّد، تظهر أخبار ودراسات جديدة أن المشي المنتظم قد يكون واحدًا من أقوى أساليب الوقاية المتاحة للجميع. نشاط بدني بسيط لا يكلف شيئًا ويمكن أن يعزّز صحة الدماغ والذاكرة على المدى الطويل.

كم عدد الخطوات التي تصنع الفارق؟

تشير دراسة رصدية واسعة نُشرت في مجلة JAMA Neurology عام 2022، والتي شملت أكثر من 78 ألف شخص في المملكة المتحدة، إلى علاقة قوية بين عدد الخطوات اليومية وخطر الإصابة بالخرف. وُجد أن الأشخاص الذين يمشون تقريبًا 9,800 خطوة يوميًا سجّلوا انخفاضًا في خطر الإصابة بالخرف يصل إلى نحو 50٪ مقارنةً بمن لديهم مستوى نشاط منخفض، بينما من يمشون نحو 3,800 خطوة يوميًا حققوا تقريبًا نصف هذه الفائدة، ما يوحي بأن الفائدة تبدأ حتى من مستويات بسيطة ويمكن تعزيزها بزيادة المشي تدريجيًا.

من المهم ملاحظة أن هذه الدراسة رصدية (observational)، أي أنها تكشف عن ارتباط (association) بين المشي وخطر الإصابة بالخرف، ولا تثبت علاقة سببية قاطعة؛ إذ تؤخذ في الحسبان عوامل محتملة أخرى مثل العمر، التعليم والحالة الصحية. ومع ذلك، تمثل النتائج مؤشرًا قويًا على أن زيادة النشاط البدني يمكن أن تكون خطوة عملية مفيدة للوقاية.

للوصول إلى 9,800 خطوة تقريبًا قد تحتاج إلى نحو 90–120 دقيقة من المشي اليومي بوتيرة معتدلة (تقديريًا)، أما 3,800 خطوة فتعادل حوالي 30–45 دقيقة؛ لذا فزيادة المشي على مدار اليوم (نزهات قصيرة، استخدام الدرج، المشي بعد الوجبات) يمكن أن تُضاف بسهولة إلى نمط حياتك الروتيني وتحسّن نتائج صحة الدماغ.

هل تريد معرفة مستوى نشاطك الحالي؟ جرب قياس خطواتك لمدة أسبوع باستخدام تطبيق الهاتف أو ساعة ذكية حتى معرفة متوسط الخطوات اليومية يساعدك على وضع هدف تدريجي واقعي.

كيف يساعد المشي على تأخير الزهايمر؟

تشير دراسة حديثة نُشرت في Nature Medicine (2025) إلى نتائج واعدة: باستخدام فحوصات PET لمراقبة بروتينات الأميلويد والتاو في الدماغ، ظهر أن الأشخاص الذين مارسوا نشاط بدنيًا معتدلاً أي نحو 5,000 إلى 7,500 خطوة يوميًا سجّلوا تأخّرًا في ظهور علامات التدهور المعرفي يقارب 7 سنوات مقارنةً بغير النشيطين. تجدر الإشارة إلى أن هذه النتائج تشير إلى ارتباط قوي لكنها لا تثبت سببًا مباشرًا بصورة قاطعة.

كيف يفسّر الباحثون هذه العلاقة؟ يطرح العلماء عدة آليات محتملة حول كيف يعزّز المشي صحة الدماغ ويبطئ تطور أمراض مثل الخرف:

  • يعزّز تدفق الدم إلى الدماغ، ما يحسّن توصيل الأوكسجين والمواد المغذية للخلايا العصبية والأوعية الدموية ويُحافظ على أدائها.

  • يقلّل من الالتهابات المزمنة المرتبطة بتلف الخلايا، وهو عامل معروف في تسريع تدهور الخلايا العصبية.

  • يرفع مستويات العوامل الغذائية العصبية (neurotrophic factors) التي تدعم بقاء ووظيفة الخلايا العصبية، أي يعزّز آليات حماية وتجدد الخلايا.

  • يحسّن الحالة المزاجية ويقلّل التوتر والقلق، وعبر ذلك يخفّض عوامل خطر إضافية مرتبطة بتدهور الذاكرة.

مهم أن نفهم أن بعض هذه الآليات مؤيدة بتجارب مخبرية وسريرية بينما بعضها الآخر يبقى تفسيرات مقترحة بناءً على نتائج رصدية؛ لذلك يواصل الباحثون إجراء دراسات أطول وأشمل لفهم كيف يمكن لتمارين بسيطة مثل المشي أن تُحسّن صحة الدماغ على المستوى الجزيئي والوظيفي.

نصيحة عملية: إذا كان لديك تاريخ عائلي للمرض أو بدأت تلاحظ تراجعًا في الذاكرة، يمكنك البدء بممارسة المشي باعتدال (5,000–7,500 خطوة) مع استشارة الطبيب، لأن هذه ممارسة يومية بسيطة قد تساهم في تعزيز الذاكرة وصحة المخ بمرور الوقت.

لا تجهد نفسك… الاستمرارية أهم من السرعة

الخبر الجيّد أن الانتظام أهم من الشدة؛ فالمشي كـنمط حياة يحقّق فوائد طويلة الأمد عند ممارسته باستمرار.
ابدأ بخطوات بسيطة: مشية قصيرة بعد الغداء، استخدام الدرج بدل المصعد، أو الوقوف والتحرك كل ساعة. مع هذه العادات الصغيرة قد تقترب تدريجيًا من ما يسميه الكثيرون "المعدل الذهبي" (7,000 – 10,000 خطوة يوميًا) دون شعور بالإرهاق.

حتى نزهة سريعة مدتها 20 إلى 30 دقيقة يوميًا (حوالي 2,000–3,000 خطوة حسب الوتيرة) كافية لتحسين تدفق الدم إلى الدماغ، رفع المزاج، وتحسين التركيز. إن تبنّيت خطة تدريجية على مدى 4 أسابيع، مثلاً زيادة 500–1,000 خطوة أسبوعيًا ستصل إلى هدف واقعي ومستدام.

ملاحظات صحية: إذا كنت تعاني أمراضًا قلبية أو مشاكل مفاصل أو أي حالة صحية مزمنة، استشر طبيبك قبل زيادة مستوى النشاط. وللبدء الآن، جرب تحدّي 7 أيام لقياس متوسط الخطوات اليومية باستخدام تطبيق أو ساعة ذكية—حتى التغييرات البسيطة تحسّن صحة القلب والدماغ وتحافظ على التوازن الصحي.

المصادر العلمية:

  1. Borja del Pozo Cruz et al. (2022). Association of Daily Step Count and Intensity With Incident Dementia in 78 430 Adults Living in the UKJAMA Neurology. (دراسة طولية رصدية كبيرة تستخدم أجهزة تتبّع النشاط لقياس عدد الخطوات وارتباطه بحدوث الخرف؛ نتائج قوية لكنها ارتباطية).

  2. Physical activity as a modifiable risk factor in preclinical Alzheimer’s disease neuropathologyNature Medicine, 2025. (دراسة استخدمت فحوصات PET لمتابعة بروتينات الأميلويد والتاو وتقدّم أدلة آلية على كيف يمكن للنشاط البدني أن يؤثر على مؤشرات مرض ألزهايمر المبكرة).

  3. Lenharo M. (2025, Nov). Alzheimer’s decline slows with just a few thousand steps a dayNature (News). (تغطية إخبارية تلخّص نتائج البحث وتوضّح أهمية نتائج "آلاف خطوة" اليومية للوقاية المُحتملة، مفيدة لسياق الأخبار لكنها ليست بديلاً عن الأوراق العلمية الأصلية).

الخلاصة:

قد يكون مفتاح حماية دماغك من الزهايمر أبسط مما تتوقع، المشي كل يوم قد يخفض خطر الإصابة بالخرف ويحسّن صحة الدماغ والذاكرة مع الزمن، وفقًا للأدلة الحديثة التي تشير إلى انخفاض في مخاطر التدهور الإدراكي لدى الأشخاص النشطين.

تذكّر أن معظم الأدلة حالياً رصدية—أي تُظهر ارتباطًا بين المشي وتقليل الخطر لكنها لا تثبت حتمية الوقاية—إلا أن الفائدة العملية واضحة: المشي منتظمًا يعزّز الأوعية الدموية، يدعم الخلايا العصبية ويُحسّن التوازن النفسي والجسدي.

خطة بسيطة لتبدأ اليوم: قِس متوسط خطواتك لمدة 7 أيام، ثم ضع هدفًا تدريجيًا (مثلاً زيادة 500–1,000 خطوة أسبوعيًا) حتى تصل إلى مستوى يناسبك قد يكون هدفك 5,000–7,500 خطوة يوميًا كبداية، أو نحو 7,000–10,000 خطوة كهدف طويل الأمد. إذا كنت تعاني أمراضًا مزمنة استشر طبيبك قبل رفع مستوى النشاط.

ابدأ الآن: اخرج في نزهة 20 دقيقة اليوم أو حمّل تطبيقًا لعدّ الخطوات على هاتفك. ليست كل خطوة مجرد حركة—إنها استثمار يومي في ذاكرتك وصحة عقلك، وعلى المدى الطويل قد تترجم إلى انخفاض حقيقي في خطر الإصابة بأمراض مثل الخرف.

تعليقات